استعراض رواية يسار

عرض: رامي أبو راية

يسار هو عنوان الرواية الواقعية، الصادرة عن منصة كتبنا للنشر الشخصي، تأليف الكاتبة هدى سعيد، تحكي لنا عن مأساة فتاة أسمها يسار رشفت من كؤس المرار، وذاقت من صنوف الألم واليأس والحزن والخوف والخزي منذ مهدها إلى يوم زفافها، رحلة طويلة مع المعاناة تبدأ من أسمها التي لا تعرف ماذا يعني هل يعني يسارا من اليسر، أم يعني ناحية واتجاه عكس اليمين، أخطأ موظف الصحة وسجلها يسار بدلا من أن يسجلها يسرى، لتأتي المحطة التالية في الرحلة وهي التي زادت من صعوبة المسار، حينما ينفصل والديها عن بعضهم ويقتسموا الأبناء فتذهب هي وأخويها الصغيرين مع أمها إلى بيت جدها في القرية، ويظل أخويها الأكبر منها مع والدها في القاهرة، ورغم القصص المرعبة والأساطير المفزعة التي تحكى في الريف، إلا إن الكاتبة هدى السعيد ترسم لك لوحة عن الريف من خلال عين يسار لم تراها من قبل، وتسمعك أصوات لم تنتبه لها من قبل، وبل وتصف لك روائح قد لا يبالي بها المرء من كثرة أختلاطها ببعضها البعض، ورغم ذلك لم تنعم كثيرا يسار في الريف الهادئ، فترى أحداث ووقائع تزيد فزعها وانعازلها كان أفزعها مقتل خالتها على يد أقرب أشخاص لها في هذه الحياة، ولكن يسار فتاة صلبة صلدة رفعت شعار أكون أو لا أكون لتحقق أحلامها وأمانيها وتثبت تميزها حتى ولو كان كل من حولها دائما ينالون من المنطق بحياتها ويغتالونه بكل هدوء، لتجتاز رحلة التعليم الصعبة الوعرة التي لم تكن ممهدة ابدا، مما أفقدها في الطريق من أحبته وأحبها، وتبدأ في رحلة جديدة من المعاناة مع الوظيفة وبئية العمل المصرية، وتظل تكافح وتثابر وتصبر من أجل إثبات الذات، إلا إن كل هذا كان هباء فللوظيفة معاير أخر، حتى كادت أن تجن، فقررت بعد أن وصلت سن الثلاثين أن تقبل بأول من يدق باباها راغب في طلبها شريكة له، حتى ولو كان أرمل أو مطلق من أجل  تشعل له نار الموقد وتعد الطعام، لتخلط دفء مشاعرها بطعامها الساخن، ولكن يصعب أن تفعل ذلك إلا لشخص واحد أنتظرته طويلا ولكنه تأخر، يسار عالمها كفيلم بلا ألوان هادئ الأحداث صاخب المشاعر شديد العمق.