الكاتب ابن عصره

May 11, 2021

كيف تصبح كاتبًا مواكبًا لمتطلبات عصرك؟ يقول الكاتب والروائي والمفكر الفرنسي "جان بول سارتر" ينبغي أن نكتب لزماننا، كما فعل الكتّاب العظام، لكن لا يعني ذلك أنه يجب علينا أن نوصد على أنفسنا أبواب هذا العصر، فالكتابة لعصرنا لا تعني تصويره تصويرا سلبيا، وإنما تعني أننا نريد الإبقاء عليه أو تغييره، وبالتالي تجاوزه إنطلاقا نحو المستقبل وهذا السعي إلى التغيير هو الذي يضرب بجذورنا فيه إلى أعماق بعيدة، لأنه لا يمكن أن يتحول إلى كتله ميته من الوسائل والعادات، فهو في حركة دائمة يتخطى نفسه بلا توقف. إن الكتاب يكون له صدقه المطلق في حينه، والناس يعيشونه كما يعشيون كل شيء من حولهم، فقراءة كتاب تعني إعادة كتابته، وفي حينه يكون إما مصدرا للرعب أو ملجأ للهروب، أو توكيدا جسورا للرأي، فالعمل الأدبي في عصره يكون إما عملا حسنا، أو شيئا معتاد ككل الأشياء، لكن بعد موت زمنه، فإنه يصبح شيئا نسبيا، فيصير رسالة أي ما كان حكم الأجيال التاليه عليها لن يغير من صدق رأي من عاصروا هذا العمل. فإذا استفاد الجيل التالي بكتاباتنا بصورة من الصور فسيكون ذلك من أجل تحقيق أهدافهم هم، وهي أهداف ليس لنا أن نتنبأ بها. يسود اعتقاد بأن المصير الذي ستلقاه كتبنا بعد أن نمضي عن هذه الدينا لابد أن يكون له مبرر من الحياة التي عشناها، وذلك صحيح من الناحية الموضوعية. لكن نظرة الأجيال التي ستلينا لن تكون معصومة من الخطأ، حين تصدر أحكامها علينا، وسواء أكان حكم الأجيال القادمة لك أو عليك، فليس هناك ما يمكن أن يغير حقيقة كونك ابن عصرك أحببت هذه اللوحة عن تلك، واخترت هذا المبدأ أو ذاك، وهذا المرأة أو سواها، وأنك عشت هذا الحب يوما بعد يوم، وأردته ونفذته، وأنك شغلت به كيانك.

مواضيع متعلقة

التعليقات

إضافة تعليق