رواية (مليونير تحت الإنشاء)
للكاتب (سالم المسرحي)
في العادة عندما أقرأ عنوانًا مثل هذا العنوان يتبادر إلى ذهني سريعًا أني سأجد محتوًى مكررًا تحت مظلة التنمية البشرية وخطوات مختصرة للحصول على مبالغ ضخمة ومكانة مرموقة وهو في العادة ما أثبت بطلانه مرارًا، لكني تفاجأت من بداية الرواية والتي عالجت شبهات وإشكالات واقعية ملموسة، وطرحت عندي تساؤلات جديدة ثم أجابت عنها بمنتهى الوضوح مثل: ما المانع أن أطلب الثراء؟ وهل هو حكر على أناس دون آخرين؟ وهل تتعارض القناعة مع طلب المزيد من المال؟
لأكتشف أن نظرتي للثراء كانت قاصرة، وها أنا أسير مع أحمد شاب مثلي، ومثلك يحاول أن يسلك طرق الثراء لنرى تجربته معًا.
في كل زاوية من هذه الرواية، هناك نبض حقيقي.
(مليونير تحت الإنشاء) -رواية كتبت بقلم الكاتب المهندس سالم المسرحي والتي نشرت على منصة (كتبنا) للنشر الشخصي- هي سيرة سردية تدمج بين الواقعية والتجربة الشخصية وبين التحليل الاجتماعي.
تحليل الكتاب:
تبدأ الرواية في سرد ماضي أحمد -الباحث عن الثراء- كطفل نشأ في أسرة فقيرة في السعودية، يسلط الضوء على والدته المريضة التي ترفض العلاج، ثم يدخل البطل عالم التنمية البشرية من خلال حضور دورات تدريبية، حيث يتعرف على مدرب (شريف) رمز الجاذبية والخداع في آن واحد، وهنا يسلط الضوء على الوجه الآخر، حيث تتطور الأحداث لتكشف عن وجه شريف الحقيقي، ومن هنا تغيرت القناعات ويتحول المشهد الاحتفالي إلى مرآة للخذلان، ويبدأ التغيير في داخل البطل ثم يتشكل وعي جديد في التشكل بعد انكسار وتحطم عن طريق مقابلة أحمد لرجل أعمال ناجح أخذ بيده في رحلة سردية حول سيرته الذاتية مخاطبًا إياه وإيانا عن طبيعة الصراع والتحديات ومقاومة نقاط الضعف ومعرفة نقاط القوة ليبيِّن لنا في خطوات واقعية عملية كيف نصبح مليونير تحت الإنشاء.
من أفكار الرواية الأساسية:
نقد وهم التنمية البشرية التجارية التي امتلأ سوقها بالشعارات الزائفة والوعود الكاذبة واستغلال أحلام الشباب الطامحين إلى النجاح من قبل مدربين لا يسعون إلا للربح. حقيقة الثراء، حيث تفكك الرواية فكرة تحقيق الثراء السريع عبر دورات، وتعيد معنى قيمة العودة إلى الجهد الحقيقي المبني على العلم والعمل. البطل يمثل جيلًا يعيش في حالة صراع بين الحلم والواقع وبين الطموح والتضليل.اللغة والأسلوب:
لغة الكتاب تتميز بكونها قريبة من العامية الفصيحة مما يجعلها سلسة وسهلة القراءة، محملة بالوجدان خاصة المقاطع التي تتناول معاناة البطل ومرض والدته.
تحوي اللغة على مزيج بين السرد التقريري المباشر وبين التأملات العميقة التي تقطع السياق لتطرح أسئلة وجودية أو نقدية. مثل: هل الثراء نعمة أم نقمة؟ هل هو قسمة أم سعي؟
من الأساليب المستخدمة:
أسلوب السرد الذاتي (ضمير المتكلم) مما يمنح القارئ قربًا نفسيًا. أسلوب الصدمة والانكشاف التدريجي مثل: (خيانة دكتور شريف). استخدام الحوار الداخلي في لحظات شك أو يقظة أو غضب مثل: «هل أنا غبي؟ أم إنني فقط أردت أن أصدق؟»نقاط القوة:
مصداقية الرواية وواقعيتها في الطرح. البناء الدرامي المشوق، لما فيه من تسلسل أحداث محكم ويصعد تدريجيًا نحو لحظات الذروة، ثم يهبط نحو التأمل والوعي. أبعاد إنسانية مؤثرة مثل: شخصية الأم ومعاناة البطل.نقاط الضعف:
الإطالة في بعض المقاطع مثل سرد مشاعر ومواقف كان يمكن اختصارها دون تأثير على العمق أو المعنى. انعدام التعدد في وجهات النظر لأن الرواية مكتوبة بالكامل من وجهة نظر البطل، دون إعطاء مساحة كافية للشخصيات الأخرى للتعبير عن دوافعها أو رؤيتها.تلك الرواية تناسب الشباب الباحثين عن النجاح والثراء والذين خاضوا تجارب مع التنمية البشرية لتكون منبهًا لهم، وأيضًا المحبين للقصص الواقعية والسير الذاتية، ولكنها قد لا تناسب قراء الروايات الخيالية أو الفانتازيا والباحثين عن نهاية حاسمة أو قصص منتصرة تمامًا أو من لا يتحملون الطرح المباشر.
السن الذي ينصح بقراءتها +16
بعض اقتباساتها المؤثرة:
«أدركت أن طريقي الصحيح للنجاح لا يكمن في وظيفة مضمونة، بل في جرأة القرار وسرعة المغامرة.»
«قد أكون خسرت آلاف الدولارات.. لكنني ربحت وعيي، وربما هذه أول خطوة حقيقية نحو الثراء.»
«الثراء الحقيقي لا يُقاس بعدد ما تملكه، بل بعدد الأبواب التي استطعت فتحها رغم أنها كانت مغلقة في وجهك.»
«باعوا لنا وهم النجاح في دورات التنمية، وتركوا لنا فواتير لا تُشترى بها حتى ابتسامة.»
وأخيرًا أقول: لقد تأثرت بشدة بهذه الرواية الأكثر من رائعة، وأظنها ستكون إضافة ممتازة لكل مكتبة، وأظنها كافيةً عن كثير من الكتب.