كتاب (خد وهات في علم وفن المفاوضات(
للكاتب (أحمد الليثي ناصف)
إنه لمن المشرف أن أكتب مراجعة عن أول كتاب يتحدث عن فن التفاوض في المكتبة العربية. ولأبسط لكم أهمية هذا الفن، أذكركم بمحاولاتكم في الوصول إلى أفضل سعر مناسب في الشراء، أو محاولاتكم في إقناع الطرف الآخر في الحوار، أو حتى إبرام صفقات في غاية الأهمية.
ولنكن على علم بأن النجاح لا يسير مع العفوية، بل يصطف إلى جانب من يُحسِن اللعب على أوتار الحوار، ويجيد سبر أغوار النفوس.
المفاوضات ليست سجال كلمات، بل إعمال ذهني عميق تتقاطع فيها المعرفة مع الحنكة، ويتجسد فيها الذكاء كأداة تأثير وتغيير.
في كتاب "خد وهات في علم المفاوضات" -والذي نُشِر على منصة "كتبنا" للنشر الشخصي- يأخذك الكاتب في رحلة متعمقة تتجاوز النصائح السطحية، إلى جوهر ما يجعل التفاوض فنًا قائمًا بذاته، وعلمًا يمكن إتقانه.
بأسلوب رصين، يجمع بين سلاسة الطرح وثراء المحتوى، يكشف هذا العمل كيف ستحول الحوار إلى أداة قوة، وكيف تصاغ الصفقات بنبض النفس البشرية لا بمجرد الكلمات.
نوع، وتلخيص، وتحليل الكتاب:
تستطيع أن تلمس في كتاب "خد وهات في علم وفن المفاوضات" الجانب العملي والتطبيقي، فهو كتاب يُعنى بتطوير الذات، مهارات التواصل، وموجه للبالغين المهنيين، وكل من يسعى لتطوير قدراته التفاوضية سواء في بيئة العمل أو في الحياة الشخصية والتجارب الواقعية.
يتألف الكتاب من أربعة أبواب رئيسية، تتناول مراحل التفاوض وأساليبه ومهاراته المختلفة: وهنا تميَّز الكاتب في عرض محتواه بشكل بنائي، بداية من التعريف بالفن ثم صعودا إلى الأنماط والتكتيكات.
الباب الأول: التعريف بعلم التفاوض:
استعرض الكاتب المفهوم الأساسي للتفاوض وأبرزه لنا ووضح الفرق بينه وبين الحوار العام، ثم تناوله كعملية منظمة تستهدف رضا الطرفين، ثم ناقش البيئات التي يحدث فيها التفاوض.
الباب الثاني: عملية التفاوض:
يتناول هذا الباب مراحل التفاوض بالتفصيل (الإعداد والتحضير، المناظرة، إغلاق الصفقة)
الباب الثالث: فن التفاوض:
هذا الباب هو لب الكتاب، حيث يركز على الجانب المهاري والسلوكي للمفاوِض، حيث تناول (مهارات التفاوض الأساسية، والأفكار الخاطئة عنه، وأنماط المفاوضين، وسلوكيات فعالة، ولغة جسد المفاوِض).
ثم اختتم الكتاب بالباب الرابع: أقوى تكتيكات التفاوض حول العالم:
جمع فيه مجموعة من أفضل التكتيكات العالمية في التفاوض واستعرض نماذج من مفاوِضين محترفين.
اللغة والأسلوب:
من مميزات هذا الكتاب جانبه اللغوي، حيث اعتمد على اللغة العربية الفصحى المبسطة مما يجعلها سهلة لمعظم القراء، وهذا لا يمنع من استخدام مصطلحات تخصصية مع توضيحها، واعتمد على أسلوب المحاورة أحيانًا لجعل القارئ جزءًا منها.
من أساليب الكتاب المميزة والبارزة هو الدمج بين الأسلوب العملي والتمرين، بين القاعدة والموقف الواقعي. وهذا يجعله أقرب إلى كتب التدريب الذاتي.
أسلوب الكتاب تدريجي منظم، حيث انتقل من المبادئ الأساسية إلى التفاصيل الدقيقة بشكل تدريجي. فيبدأ بما هو التفاوض؟ ثم ينتقل إلى مراحله، ثم إلى المهارات، ثم إلى الأخطاء والتكتيكات.
وأكثر ما يحتاج له المرء في هذا النوع من الكتب هو لغة التحفيز والتشجيع ليشعر القارئ بإمكانية التطبيق مع التمرين، وهذا ما تجده بكثرة. كما أن الكاتب يخاطب القارئ باحترام دون فرض وصاية فكرية أو نبرة تعليمية ثقيلة.
الأفكار المحورية التي تناولها الكتاب:
نخلص من الكتاب أن التفاوض هو مهارة يمكن اكتسابها
لكل مرحلة في التفاوض قواعدها وأدواتها:
من الإعداد، إلى العرض، إلى إغلاق الصفقة، ثم المتابعة – كل مرحلة لها تكتيكات وأساليب تؤثر في النتيجة.
الوعي بالذات وبالطرف الآخر جوهري:
معرفة أنماط المفاوضين، وفهم لغة الجسد، والتحكم في ردود الأفعال، كلها عوامل تصنع الفارق.
التفاوض ليس محصورًا في الشركات والسياسة:
بل هو موجود في كل تفاصيل الحياة اليومية: في الأسرة، والعمل، والمجتمع، وحتى مع الذات.
من النقاط المميزة والتي تعلي من قيمة الكتاب:
شمولية محتواه، حيث إنه يغطي التفاوض من الجانب العلمي، والنفسي، والسلوكي، والمهاري، مما يجعله دليلًا متكاملًا. مخاطبة القارئ باحترافية مع سهولة الطرح. أسلوب تحفيزي وغير متعالٍ يُشعِر القارئ بأن الكاتب يتحدث إليه كشريك لا كمعلم.يجب لفت النظر إلى بعض النقاط التطويرية أيضًا، مثل:
رغم أن الكتاب غني بالتجربة، إلا أنه لا يستند كثيرًا إلى مصادر علمية مُحدَّثة أو دراسات مقارنة. القارئ المتخصص قد يبحث عن تأصيل نظري أعمق لبعض المفاهيم. غياب الرسومات والنماذج البصرية قد يجعل الفصول النظرية تبدو ثقيلة للبعض، خاصة المتعلمين بصريًا.الجمهور المناسب للكتاب:
الكتاب يتناول شريحة كبيرة من الناس تشمل كل من يريد تحسين تواصله وتأثيره في الحياة اليومية.
في الختام أقول إن الكتاب هو فرصة حقيقية للتطوير وإضافة مميزة تستحق الاقتناء والدراسة والتطبيق.