ماهية التعاقد

الكاتب: فريق كتبنا
0 تقييمات الزوار

القانون – بصفة عامة – هو النظام الذى تسير عليه أمور الكون على نمط رتيب مضطرد، والذى يحتم أن يحدث أمراً معيناً كلما توافرت ظروف خاصة. وفى هذا المعنى يقال: قانون تعاقب الليل والنهار وقانون البقاء للأصلح وقانون الجاذبية وقانون العرض والطلب، ونفهم من ذلك أن لكل شئ قانونه الذى يحكمه. فقانون الطبيعة هو القوة، وقانون الأخلاق هو الخير، وقانون المنطق هو الحق وقانون العدالة هو أن تحكم بين الناس بالقسط، فالقانون هو سيـّـد المجتــمع ومقياس كل شئ 

والقانون – الذى نشرف بدراسته – هو مجموعة القواعد التى تنظم حياة الجماعة الإنسانية، فهو النظام الذى تتحدد وفقا له علاقات أعضاء الجماعة وتسيير معاملاتهم، وبغير هذا النظام لا يتصور وجود جماعة بالمعنى الصحيح. قال تعالى فى محكم آيات سورة الحجرات:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير "، فالإنسان بأصل الفطرة والتكوين – وعلى ما ذهب به علماء الاجتماع – مدنى بطبعه، خلق منذ الأذل وبداخله دافع يدفعه إلى العيش فى جماعة، فهو كائن اجتماعى بخلقته لا يمكن أن يعيش إلا فى الجماعة، وبما أن الإنسان اجتماعى ولا يمكن أن يعيش منعزلاً فغرائزه الفطرية تدفعه إلى الاستئثار بكل شئ مما ينجم عنه التطاحن والتضارب بين مصالح الأفراد وعلاقاتهم بعضهم ببعض، لذا لا يتيسر لمجتمع أن ينمو إلا إذا وجدت قواعد تنظم سلوك الأفراد فى حياتهم الاجتماعية وفى العلاقات التى تنشأ بينهم، فلا يمكن تصور وجود الجماعة إلا على أساس من قواعد القانون التى تنظم العلاقات بين أعضاء هذه الجماعة، فالقانون فى الجماعة – من وجهة نظرنا – كالدم فى الجسم الحى أى لازم لوجودها ولاستمرار حياتها، وبغيره لا وجود لها ولا حياة. ولكن الحياة لا تستقيم بمجرد وجود هذه القواعد القانونية فحسب ولكن يجب على الكافة احترامها احتراماً تكفله السلطة العامة ولو بالقوة عند الضرورة .

فقواعد القانون إنما خلقت لكى تنظم العيش فى جماعة، ولن يتوفر هذا التنظيم إلا بإرغام الأفراد على احترام قواعد القانون، فالجزاء لا غنى عنه فى القاعدة القانونية إذ بغيره يصبح مضمونها مجرد نصيحة. نخلص من ذلك ؛ أن احترام القانون فى كل جماعة ضرورة حيوية بمعنى أن تحقق هذا الاحترام هو أساس بقائها وازدهارها، بيد أن هذا أمر لازم فى الجماعات السياسية بوجه خاص، وهو ليس واجبا على الأفراد وحدهم أى المحكومين بل هو واجب – أيضا – على السلطات العامة أى على الحكام، لذا فإن حرص الدول على أن تؤكد فى القواعد التى تضع نظمها الأساسية أى فى دساتيرها وجوب احترام القانون وإتباع قواعده وخضوع السلطة العامة للقانون فى جميع مظاهر نشاطها، هذا الحرص يعكس احساسا صادقا بأهمية احترام القانون من كل شخص فى الجماعة حاكما كان أو محكوما. فسيادة القانون هى أساس الحكم فى الدولة واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات .

الأعضاء الذين اشتروا هذا، اشتروا أيضا

عن الكاتب

فريق كتبنا

التقييمات

0

0 المجموع
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0